الرد للقمص زكريا بطرس : حزقيال إصحاح 23عن أهولة وأهوليبة
أثار الشيخ ديدات موضوع "كيف يوجد في الكتاب المقدس ألفاظ قبيحة غير لائقة بالوحي؟!!
وأذكر تحدي فضيلتة لأحد القسوس الأمريكان الذين يجهلون مقارنة الأديان خاصة ما بين المسيحية والإسلام، أن يقرأ تلك الآيات وكأنها عار وخزي!!!.
ولكنني هنا أقرأها بكل بساطة وبلا أدنى حرج عالما أنه رغم صعوبة تقبلها لأول وهلة، لكنها ليست بالبشاعة التي يظنها فضيلة الشيخ وأمثاله، خاصة عندما نعرف معانيها ومقاصدها والبيئة التي قيلت فيها.
فمشكلة القراء السطحيين تكمن في عدم الفهم الدقيق، ولهذا يقول المثل: "إن أنصاف المتعلمين أخطر من الجهلة". وإذا كانت هذه هي حال القراء السطحيين فما بالك بالقراء المغرضين الذين لا يقرءون الكتاب بهدف الفهم والاستفادة، وإنما يقرءونه بهدف تصيد ما يظنون أنه خطأ لا يغتفر، ليوجهوا النقد غير البناء، بل الطعنات التعصبية، سامحهم الله وهداهم إلى ما فيه خير نفوسهم. آمين.
والآن إلى الآيات المعترض عليها في سفر حزقيال، أقرأها بلا أدنى حرج كما ذكرت، ثم أرد على الاتهامات الموجهة إليها، وليعطنا الرب نعمة للإصغاء من أجل الفهم.
نص الآيات من (حز23: 3, 20)
"وكان إليَّ كلام الرب قائلا يا ابن آدم كان امرأتان ابنتا أم واحدة، وزنتا بمصر. في صباهما زنتا. هناك دغدغت ثديهما وهناك تزغزغت ترائب عذرتهما. واسمهما: أهولة الكبيرة وأهوليبة أختها، واسماهما["السامرة" "أهولة"] و["أورشليم" "أهوليبة"] … وعشقت معشوقيهم الذين لحمهم كلحم الحمير ومنيهم كمني الخيل … هكذا قال السيد الرب هاأنذا أهيج عليك عشاقك … فيأتون عليك بأسلحة ومركبات … فيحكمون عليك … أفعل بك هذا لأنك زنيت وراء الأمم لأنك تنجست بأصنامهم.
الرد
بنعمة الله وحكمته أجيب على هذا السؤال المطروح عما ذكر بسفر حزقيال النبي، وسوف تشمل الإجابة على الجوانب التالية:
1ـ كلام الوحي عموما
2ـ شرح ما كتبه حزقيال هنا
3ـ الألفاظ غير اللائقة
4ـ ألفاظ من القرآن الكريم.
5ـ ألفاظ من الأحاديث الشريفة.
أولاً: كلام الوحي عموما
كلام الله الموحي به في الكتاب المقدس يتضمن:
(1) قصة خلق الإنسان.
(2) قصة سقوطه في المعصية وطرده من الجنة.
(3) معاملات الله مع الناس عبر التاريخ البشري، معلنا لهم عن محبته رغم سقوطهم.
(4) قصة الفداء والخلاص.
(5) وصايا الله للبشر وأوامره للمؤمنين بفعل الخير، والنهي عن الشر والمنكر.
فمن الواضح أن ما كتب في حزقيال هنا إنما هو نهي عن منكر وقبائح اقترفتها الأمة اليهودية في ذلك الزمان، كما سيتضح مما يلي:
ثانياً: خلفية هذا الكلام
(1) هذا الكلام هو موجه إلى الأمة اليهودية، وهذا ما عبر عنه "بالأم التي لها بنتان".
(2) والبنتان أهولة وأهوليبة = يقصد بهما السامرة عاصمة إسرائيل، وأورشليم عاصمة يهوذا.
وهذا ما يتضح من الآية الرابعة من نفس الإصحاح حيث يقول: "واسماهما ["السامرة" "أهولة"] و ["أورشليم" "أهوليبة"]
(3) زنا أهولة وأهوليبة [أي السامرة وأورشليم]: يقول النص أنهما زنتا مع كل من مصر، وأشور وبابل ، كما ورد في الآيات من 3 ـ 19
(4) ما معنى هذا الزنا؟
1ـ لا يقصد قط من هذا الكلام أنه زنا امرأة بالمعنى الحرفي الجنسي. فكيف تزني أمة وهي ليس امرأة زنا حرفياً؟
2ـ إذن فالمقصود هو صورة مجازية تعبر عن خيانة هذه الأمة لله الذي ارتبطت به كشعب له، وهذا ما يعبر عنه بالزنا الروحي.
3ـ والزنا الروحي هو صيغة يستخدمها الكتاب المقدس بمعنى خيانة الرب أو العداء له بسبب الالتصاق بالآلهة الأخرى سواء كانت أصناما أو محبة العالم أو غير ذلك. وهذا واضح من قول الكتاب:
ـ عن الزنا بمعنى ترك الله وعبادة آلهة أخرى: (قضاة2: 17) "زنوا وراء آلهة أخرى وسجدوا لها"
ـ وعن الزنا بمعنى محبة العالم: في رسالة يعقوب: "أيها الزناة والزاني أما تعلمون أن محبة العالم عداوة لله" (يع4: 4)
ـ وعن الزنا بمعنى محبة المال: (هوشع9: 1) "لا تفرح يا إسرائيل طربا كالشعوب لأنك زنيت عن إلهك وأحببت الأجرة …"
إذن فخلفية هذا الكلام موضوع السؤال توضح أنه ليس زنا امرأة بالمعنى الحرفي الجنسي، بل زنا أمة بالمعنى المجازي الروحي بالانفصال عن الله وعبادة آلهة أخرى.
ثالثاً: الألفاظ غير اللائقة في هذا الكلام
هل يجوز أن تذكر مثل هذه الألفاظ في الوحي؟ هذا هو لب الاعتراض. وللإجابة على ذلك نقول أننا لا نستطيع أن نحكم على أي نص إن لم ندرس ملابساته وظروفه واللغة المستعملة في زمانه وتقاليد وعادات الشعوب في ذاك الزمان. فدعنا نوضح الأمور التالية:
(1) هذه الألفاظ كانت وصفا للشرور التي كانت تمارس فعلا في طقوس وشعائر عبادة الأوثان آنذاك. وقد ورد ذلك في دائرة المعارف البريطانية[Encyclopaedia Britannica Vol. 12 P.782]التي تقول: أن من شعائر الانضمام إلى عبادة الأوثان أنهم كانوا يمارسون الجنس في دعارة فاضحة كعلامة لاتحاد عبدة الأوثان في كيان واحد. [وهي نفس الصورة التي أشار إليها الرب بفم حزقيال النبي هنا موبخا ومعاقبا على ارتكابها!]
(2) هذه الشعائر الداعرة الفاضحة لم تكن في نظر فاعليها خزيا وقباحة وإلا لما مارسوها، ولكنها كانت لهم فخراً ومجداً، ولهذا يقول الكتاب عنهم "مجدهم في خزيهم" (فيلبي3: 19) فأراد الرب أن يفضح قبح ما يرتكبون وخزي ما يفعلون.
(3) إن كان ذكر هذه الأمور هكذا قبيحا كما قال الكتاب "لأن الأمور الحادثة منهم ذكرها أيضا قبيح" (أف5: 12) فكم وكم كان خزي فعلها. أما كان ذلك يستحق الفضح والتوبيخ والعقاب.
(4) الواقع أن الله ذكر هذه الرذائل ليعاقب الأمة عليها ولهذا جاء في هذا الجزء من حزقيال حكم الرب بإدانتها، يتضح ذلك من قوله: "لأجل ذلك هاأنذا أهيج عليك عشاقك … فيأتون عليك بأسلحة ومركبات … فيحكمون عليك … أفعل بك هذا لأنك زنيت وراء الأمم لأنك تنجست بأصنامهم". (حز23: 22ـ 31)
(5) علاوة على ذلك نري في ساحة القضاء أن النيابة تطلب من المجرمين تمثيل الجريمة مهما كانت بشعة بكل تفاصيلها المخزية. فهل في ذلك غضاضة وقباحة؟ أو ليست كلمات الوحي في حزقيال هي من هذا القبيل، أفلست إثباتا لجريمة الزنا الروحي في بشاعتها ونجاستها. فلماذا يعتبر ذلك غير لائق في حين أنه لا اعتراض على ما تمارسه النيابة العامة لفضح الجريمة؟؟
(6) بقيت نقطة أخيرة أرجو أن يتقبلها السائل بحسن نية، عالما أننا نحترم الأديان جميعا وعقائد الآخرين كل الاحترام. أقول أن مثل هذه الألفاظ قد وردت في القرآن الكريم والأحاديث الشريفة الصحيحة. ولا تعتبر غير لائقة أو مستهجنة. بل كما يقول المثل العربي "لا حياء في الدين"
رابعاً: بعض الألفاظ من القرآن
(1) إن لفظة ترائب التي وردت في حزقيال وهي موضوع الاعتراض قد وردت بذاتها في القرآن الكريم في سورة (الطارق الآيات من 5 إلى آية 7) حيث يقول "فلينظر الإنسان مما خُلق، خلق من ماء دافق يخرج من بين الصلب والترائب"
(2) ونفس لفظة المنيَّ التي في حزقيال هنا قد وردت بذاتها في القرآن الكريم في سورة (القيامة الآيات من 36 ـ 39) حيث يقول: "أيَحسَبُ الإنسانُ أن يترك سُدى، ألم يك نطفة من منيِّ يمنى، ثم كان علَقة فخَلق فسَوَّى، فجَعَل منه الزوجين الذكر والأنثى"
(3) ومن هذه الألفاظ أيضا ما ورد في سورة (الأحزاب آية 50) "وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي، إن أراد النبي أن يستنكحها خالصة له من دون المؤمنين … لكيلا يكون عليك حرج"
(4) وأيضا ما جاء في سورة (النور آية 31) "وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظنفروجهن"
(5) وكذلك في سور (الطور والواقعة والإنسان) ما جاء عن وصف الجنة وما فيها من خمر وحوريات وولدان مخلدون:
ـ ففي سورة (الواقعة 16 ـ 25) "يطوف عليهم ولدان مخلدون بأكواب وأباريق وكأس من معين …وحور عين … فجعلناهن أبكارا"
ـ ويوضح في سورة (الإنسان 19 ـ 23) "وزوجناهم بحور العين … يتنازعون فيها كأسا لا لغوٌ فيهاولا تأثيمٌ ويطوفعليهم غلمان لهم كأنهم لؤلؤ مكنون"
وإليك تعليقات بعض علماء المسلمين الأفاضل:
+ الأستاذ محمد جلال كشك: يقول: "إنه ثابت بنص القرآن أن حور العين هن للاستمتاع الجنسي" (خواطر مسلم في المسألة الجنسية ص 202)
+ ويقول الشيخ الغزالي: في (كتاب إحياء علوم الدين) "والجنة مزينة بالحور العين من الحسان، كأنهن الياقوتُ والمرجان، لم يطمثهن (أي لم يجامعهن ) إنس قبلهم ولا جان، يمشين في درجات الجِنان، إذا اختالـت إحداهن في مشيها حمل أعطافَها (أي رداءها ) سبعون ألفا من الولدان، غانجات، (أي مدللات) عطرات، آمنات، من الهرم"
+ ويعلق الأستاذ محمد جلال كشك أيضا: على هذه اللذة والمتعة قائلا: "لا مجال لأي خجل أو استخذاء من ناحية المطالب الحسية للجسد" ويكمل قائلا: "فليس في الجسد عيب أو قباحة، ولا في تلبية احتياجاته وشهواته المشروعة في هذه الدنيا، ولا في التطلع لمتعة الجسد بلا حد في الآخرة")
(خواطر مسلم في المسألة الجنسية ص211)
هل يجرؤ أحد أن يقول إن هذا كلام فاضح ومبتذل؟؟!! فلماذا يتجرأ المعترض على كلمات سفر حزقيال وهي لم تصل في كل تعبيراتها إلى مثقالِ ذرةٍ من هذا الكلام؟!
أثار الشيخ ديدات موضوع "كيف يوجد في الكتاب المقدس ألفاظ قبيحة غير لائقة بالوحي؟!!
وأذكر تحدي فضيلتة لأحد القسوس الأمريكان الذين يجهلون مقارنة الأديان خاصة ما بين المسيحية والإسلام، أن يقرأ تلك الآيات وكأنها عار وخزي!!!.
ولكنني هنا أقرأها بكل بساطة وبلا أدنى حرج عالما أنه رغم صعوبة تقبلها لأول وهلة، لكنها ليست بالبشاعة التي يظنها فضيلة الشيخ وأمثاله، خاصة عندما نعرف معانيها ومقاصدها والبيئة التي قيلت فيها.
فمشكلة القراء السطحيين تكمن في عدم الفهم الدقيق، ولهذا يقول المثل: "إن أنصاف المتعلمين أخطر من الجهلة". وإذا كانت هذه هي حال القراء السطحيين فما بالك بالقراء المغرضين الذين لا يقرءون الكتاب بهدف الفهم والاستفادة، وإنما يقرءونه بهدف تصيد ما يظنون أنه خطأ لا يغتفر، ليوجهوا النقد غير البناء، بل الطعنات التعصبية، سامحهم الله وهداهم إلى ما فيه خير نفوسهم. آمين.
والآن إلى الآيات المعترض عليها في سفر حزقيال، أقرأها بلا أدنى حرج كما ذكرت، ثم أرد على الاتهامات الموجهة إليها، وليعطنا الرب نعمة للإصغاء من أجل الفهم.
نص الآيات من (حز23: 3, 20)
"وكان إليَّ كلام الرب قائلا يا ابن آدم كان امرأتان ابنتا أم واحدة، وزنتا بمصر. في صباهما زنتا. هناك دغدغت ثديهما وهناك تزغزغت ترائب عذرتهما. واسمهما: أهولة الكبيرة وأهوليبة أختها، واسماهما["السامرة" "أهولة"] و["أورشليم" "أهوليبة"] … وعشقت معشوقيهم الذين لحمهم كلحم الحمير ومنيهم كمني الخيل … هكذا قال السيد الرب هاأنذا أهيج عليك عشاقك … فيأتون عليك بأسلحة ومركبات … فيحكمون عليك … أفعل بك هذا لأنك زنيت وراء الأمم لأنك تنجست بأصنامهم.
الرد
بنعمة الله وحكمته أجيب على هذا السؤال المطروح عما ذكر بسفر حزقيال النبي، وسوف تشمل الإجابة على الجوانب التالية:
1ـ كلام الوحي عموما
2ـ شرح ما كتبه حزقيال هنا
3ـ الألفاظ غير اللائقة
4ـ ألفاظ من القرآن الكريم.
5ـ ألفاظ من الأحاديث الشريفة.
أولاً: كلام الوحي عموما
كلام الله الموحي به في الكتاب المقدس يتضمن:
(1) قصة خلق الإنسان.
(2) قصة سقوطه في المعصية وطرده من الجنة.
(3) معاملات الله مع الناس عبر التاريخ البشري، معلنا لهم عن محبته رغم سقوطهم.
(4) قصة الفداء والخلاص.
(5) وصايا الله للبشر وأوامره للمؤمنين بفعل الخير، والنهي عن الشر والمنكر.
فمن الواضح أن ما كتب في حزقيال هنا إنما هو نهي عن منكر وقبائح اقترفتها الأمة اليهودية في ذلك الزمان، كما سيتضح مما يلي:
ثانياً: خلفية هذا الكلام
(1) هذا الكلام هو موجه إلى الأمة اليهودية، وهذا ما عبر عنه "بالأم التي لها بنتان".
(2) والبنتان أهولة وأهوليبة = يقصد بهما السامرة عاصمة إسرائيل، وأورشليم عاصمة يهوذا.
وهذا ما يتضح من الآية الرابعة من نفس الإصحاح حيث يقول: "واسماهما ["السامرة" "أهولة"] و ["أورشليم" "أهوليبة"]
(3) زنا أهولة وأهوليبة [أي السامرة وأورشليم]: يقول النص أنهما زنتا مع كل من مصر، وأشور وبابل ، كما ورد في الآيات من 3 ـ 19
(4) ما معنى هذا الزنا؟
1ـ لا يقصد قط من هذا الكلام أنه زنا امرأة بالمعنى الحرفي الجنسي. فكيف تزني أمة وهي ليس امرأة زنا حرفياً؟
2ـ إذن فالمقصود هو صورة مجازية تعبر عن خيانة هذه الأمة لله الذي ارتبطت به كشعب له، وهذا ما يعبر عنه بالزنا الروحي.
3ـ والزنا الروحي هو صيغة يستخدمها الكتاب المقدس بمعنى خيانة الرب أو العداء له بسبب الالتصاق بالآلهة الأخرى سواء كانت أصناما أو محبة العالم أو غير ذلك. وهذا واضح من قول الكتاب:
ـ عن الزنا بمعنى ترك الله وعبادة آلهة أخرى: (قضاة2: 17) "زنوا وراء آلهة أخرى وسجدوا لها"
ـ وعن الزنا بمعنى محبة العالم: في رسالة يعقوب: "أيها الزناة والزاني أما تعلمون أن محبة العالم عداوة لله" (يع4: 4)
ـ وعن الزنا بمعنى محبة المال: (هوشع9: 1) "لا تفرح يا إسرائيل طربا كالشعوب لأنك زنيت عن إلهك وأحببت الأجرة …"
إذن فخلفية هذا الكلام موضوع السؤال توضح أنه ليس زنا امرأة بالمعنى الحرفي الجنسي، بل زنا أمة بالمعنى المجازي الروحي بالانفصال عن الله وعبادة آلهة أخرى.
ثالثاً: الألفاظ غير اللائقة في هذا الكلام
هل يجوز أن تذكر مثل هذه الألفاظ في الوحي؟ هذا هو لب الاعتراض. وللإجابة على ذلك نقول أننا لا نستطيع أن نحكم على أي نص إن لم ندرس ملابساته وظروفه واللغة المستعملة في زمانه وتقاليد وعادات الشعوب في ذاك الزمان. فدعنا نوضح الأمور التالية:
(1) هذه الألفاظ كانت وصفا للشرور التي كانت تمارس فعلا في طقوس وشعائر عبادة الأوثان آنذاك. وقد ورد ذلك في دائرة المعارف البريطانية[Encyclopaedia Britannica Vol. 12 P.782]التي تقول: أن من شعائر الانضمام إلى عبادة الأوثان أنهم كانوا يمارسون الجنس في دعارة فاضحة كعلامة لاتحاد عبدة الأوثان في كيان واحد. [وهي نفس الصورة التي أشار إليها الرب بفم حزقيال النبي هنا موبخا ومعاقبا على ارتكابها!]
(2) هذه الشعائر الداعرة الفاضحة لم تكن في نظر فاعليها خزيا وقباحة وإلا لما مارسوها، ولكنها كانت لهم فخراً ومجداً، ولهذا يقول الكتاب عنهم "مجدهم في خزيهم" (فيلبي3: 19) فأراد الرب أن يفضح قبح ما يرتكبون وخزي ما يفعلون.
(3) إن كان ذكر هذه الأمور هكذا قبيحا كما قال الكتاب "لأن الأمور الحادثة منهم ذكرها أيضا قبيح" (أف5: 12) فكم وكم كان خزي فعلها. أما كان ذلك يستحق الفضح والتوبيخ والعقاب.
(4) الواقع أن الله ذكر هذه الرذائل ليعاقب الأمة عليها ولهذا جاء في هذا الجزء من حزقيال حكم الرب بإدانتها، يتضح ذلك من قوله: "لأجل ذلك هاأنذا أهيج عليك عشاقك … فيأتون عليك بأسلحة ومركبات … فيحكمون عليك … أفعل بك هذا لأنك زنيت وراء الأمم لأنك تنجست بأصنامهم". (حز23: 22ـ 31)
(5) علاوة على ذلك نري في ساحة القضاء أن النيابة تطلب من المجرمين تمثيل الجريمة مهما كانت بشعة بكل تفاصيلها المخزية. فهل في ذلك غضاضة وقباحة؟ أو ليست كلمات الوحي في حزقيال هي من هذا القبيل، أفلست إثباتا لجريمة الزنا الروحي في بشاعتها ونجاستها. فلماذا يعتبر ذلك غير لائق في حين أنه لا اعتراض على ما تمارسه النيابة العامة لفضح الجريمة؟؟
(6) بقيت نقطة أخيرة أرجو أن يتقبلها السائل بحسن نية، عالما أننا نحترم الأديان جميعا وعقائد الآخرين كل الاحترام. أقول أن مثل هذه الألفاظ قد وردت في القرآن الكريم والأحاديث الشريفة الصحيحة. ولا تعتبر غير لائقة أو مستهجنة. بل كما يقول المثل العربي "لا حياء في الدين"
رابعاً: بعض الألفاظ من القرآن
(1) إن لفظة ترائب التي وردت في حزقيال وهي موضوع الاعتراض قد وردت بذاتها في القرآن الكريم في سورة (الطارق الآيات من 5 إلى آية 7) حيث يقول "فلينظر الإنسان مما خُلق، خلق من ماء دافق يخرج من بين الصلب والترائب"
(2) ونفس لفظة المنيَّ التي في حزقيال هنا قد وردت بذاتها في القرآن الكريم في سورة (القيامة الآيات من 36 ـ 39) حيث يقول: "أيَحسَبُ الإنسانُ أن يترك سُدى، ألم يك نطفة من منيِّ يمنى، ثم كان علَقة فخَلق فسَوَّى، فجَعَل منه الزوجين الذكر والأنثى"
(3) ومن هذه الألفاظ أيضا ما ورد في سورة (الأحزاب آية 50) "وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي، إن أراد النبي أن يستنكحها خالصة له من دون المؤمنين … لكيلا يكون عليك حرج"
(4) وأيضا ما جاء في سورة (النور آية 31) "وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظنفروجهن"
(5) وكذلك في سور (الطور والواقعة والإنسان) ما جاء عن وصف الجنة وما فيها من خمر وحوريات وولدان مخلدون:
ـ ففي سورة (الواقعة 16 ـ 25) "يطوف عليهم ولدان مخلدون بأكواب وأباريق وكأس من معين …وحور عين … فجعلناهن أبكارا"
ـ ويوضح في سورة (الإنسان 19 ـ 23) "وزوجناهم بحور العين … يتنازعون فيها كأسا لا لغوٌ فيهاولا تأثيمٌ ويطوفعليهم غلمان لهم كأنهم لؤلؤ مكنون"
وإليك تعليقات بعض علماء المسلمين الأفاضل:
+ الأستاذ محمد جلال كشك: يقول: "إنه ثابت بنص القرآن أن حور العين هن للاستمتاع الجنسي" (خواطر مسلم في المسألة الجنسية ص 202)
+ ويقول الشيخ الغزالي: في (كتاب إحياء علوم الدين) "والجنة مزينة بالحور العين من الحسان، كأنهن الياقوتُ والمرجان، لم يطمثهن (أي لم يجامعهن ) إنس قبلهم ولا جان، يمشين في درجات الجِنان، إذا اختالـت إحداهن في مشيها حمل أعطافَها (أي رداءها ) سبعون ألفا من الولدان، غانجات، (أي مدللات) عطرات، آمنات، من الهرم"
+ ويعلق الأستاذ محمد جلال كشك أيضا: على هذه اللذة والمتعة قائلا: "لا مجال لأي خجل أو استخذاء من ناحية المطالب الحسية للجسد" ويكمل قائلا: "فليس في الجسد عيب أو قباحة، ولا في تلبية احتياجاته وشهواته المشروعة في هذه الدنيا، ولا في التطلع لمتعة الجسد بلا حد في الآخرة")
(خواطر مسلم في المسألة الجنسية ص211)
هل يجرؤ أحد أن يقول إن هذا كلام فاضح ومبتذل؟؟!! فلماذا يتجرأ المعترض على كلمات سفر حزقيال وهي لم تصل في كل تعبيراتها إلى مثقالِ ذرةٍ من هذا الكلام؟!
1 التعليقات:
نرجوا من الاخوة نشر هذة الردود
إرسال تعليق